هنا وهناك

هنا وهناك
عبد الله إبراهيم الكعيد



(هُنا) .. تقف الطائرة وقبل أن تُفتح الأبواب يتدافع الركاب ويتزاحمون كل يود الخروج أولاً فالجالس في مؤخرة الطائرة يقفز ليتقدم الجميع ولا يُعطي فرصة لمن يتقدمه في المقعد مع أحقيته.
(هُناك) .. تقف الطائرة وحين تُطفأ إشارة ربط الأحزمة يجلس كل في مقعده انتظاراً لخروج من هو قبله وحين يتأخر أحدهم في الخروج يقف الطابور حتى يأذن المتأخر للآخرين بالمرور.
(هُنا) ..يتراكم التلاميذ في حافلة المدرسة ويتصايحون وهناك منهم من يُخرج رأسه من النافذة والسائق على حافة الجنون بسبب شغبهم لهذا لا يعبأ بما يفعلون حتى لو ماتوا جميعاً وحين تقف الحافلة ينزل التلاميذ بطريقة (عينك ما تشوفش إلا النور) حسب تعبير عادل إمام.
(هُناك) .. يجلس كل تلميذ في مقعده ولا يُمكن أن ترى أحدهم واقفاً والحافلة تسير نعم قد يتحدثون مع بعضهم البعض ولكن ضمن حدود المسموح وإذا وقفت الحافلة تماماً ينزلون بانتظام وفي الأماكن المُخصصة للنزول فقط ضماناً لسلامتهم.
(هُنا) ..يصل السائق عند خط الوقوف خلف الإشارة الضوئية فيأتي سائق آخر ويتقدّم عليه ويقف أمام خط الوقوف والإشارة ويأتي ثالث ويتقدم عليهم جميعاً وهكذا حتى تتشكّل لوحات سُرياليّة عبثية وعند إضاءة اللون الأخضر تبدأ سيمفونية النشاز الصادرة من حناجر السيارات لتستعجل عُشاق الفوضى بالتحرّك.
(هُناك) يقف السائق عند خط الوقوف خلف الإشارة الضوئية فيأتي آخر ليقف خلفه حتى ولو كان هناك أكثر من مسار فتجد طابوراً من السيارات منتظماً لدرجة الإدهاش ليس هذا فحسب بل وفي التقاطعات غير المحكومة بإشارة ضوئية يقف السائق عند خط الوقوف خلف إشارة (قف) ومن يصل أولاً يتحرّك أولاً بدقة ساعة سويسريّة (غير مقلّدة).
(هُنا) ..عند مدخل المركز الثقافي..نعم الثقافي يتزاحم الحضور بسياراتهم كل يهجم بمقدمة سيارته ليدخل أولاً ، البوابة لا تتسع لدخول أكثر من سيارة واحدة فيكتظ المدخل ويصعب الدخول وعندها يبدأ الصراع وتتوتر الأعصاب ويتأخر الجميع هذا وهُم نخبة المجتمع .
(هُناك) .. عند مدخل الحديقة العامّة يصطف الناس بسياراتهم خلف بعضهم ويدخلون بانتظام وهدوء حتى لو بلغ الطابور عدّة كيلومترات.

سؤال غير بريء: لماذا نكره الوقوف بانتظام في الطوابير ؟؟